lundi 27 juin 2016

الجزائر-تونس: من العمل المشترك إلى الوحدة


أتعبني التفكير في حال الجارين تونس و الجزائر، هذين البلدين الذين يمثل كل منهما امتداد طبيعي للآخر، فالتاريخ و الجغرافيا تضغطان بقوة من أجل وحدة المصير.
المتابع لحجم الزيارات المتبادلة بين المسؤولين التونسيين و الجزائريين و على مختلف الأصعدة و بقراءة بسيطة لتطور العلاقات بين البلدين في الخمس سنوات الأخيرة يجد بأن كل المؤشرات توحي بما لا يدع مجال للشك بأن المسار الطبيعي لهذا التطور سيؤدي إلى الوحدة بين الجارين تونس و الجزائر. فتصريحات المسؤولين في البلدين تقر بأن أمن كل منهما من أمن الآخر، و في الوقت الذي يعلن الجزائريون صراحة بأن الجزائر لن تتخلى عن تونس و شعبها تحت أي ظرف من الظروف يصر التوانسة بالمقابل على أن الجزائريين هم أقرب الشعوب إليهم.
إن الأحداث الدولية المتتابعة و المستجدات المتسارعة و على رأسها بداية تفكك الاتحاد الأوروبي مع تصويت البريطانيين بالانفصال عنه، يدعو إلى الإسراع في إتمام الوحدة بين بلدين مثل تونس و الجزائر من أجل استقطاب رؤوس الأموال و الاستثمارات و الدفع بالتنمية الاقتصادية. فليس أفضل من الوقت الذي بدأت الشكوك تحوم حول مقدرة الإقتصادين الأوروبي و البريطاني على التعافي من صدمة الانفصال -أقول- ليس أفضل من هذا التوقيت لإعلان وحدة تونسية جزائرية شاملة و لكن إقتصادية بالدرجة الأولى مع العمل على توحيد العملة و إنشاء السوق المشتركة الذي من شأنه أن يضاعف حجم التبادل التجاري و يرفع من صادرات كلا البلدين و بالتالي الاستغناء تدريجيا عن الاستيراد من أوروبا، فلقد صار مدعاة للسخرية على سبيل المثال بحث الجزائريين عن العملة الصعبة في سوق السكوار مع كل زيارة سياحة لتونس...وحدوا العملة يا ....
يرى الكثير من المتابعين بأن أحداث الربيع العربي كان الهدف الأول منها هو تخريب العالم العربي و إشاعة الفوضى تطبيقا لنظرية الفوضى الخلاقة، و قد نجح حقا أنصار هذا المشروع في إشاعة الفوضى بل و الدمار في عديد الأقطار العربية و منها ليبيا -الجار المشترك للبلدين-، ليبيا التي أضحت قاعدة خلفية لضرب الداخل في البلدين من خلال الجماعات الإرهابية الناشطة على طول الحدود و في عمق الصحراء ما أصبح يشكل تهديدا مباشرا و داهما، هذا الواقع الجديد الذي فرضته الأحداث دفع بالجارين تونس و الجزائر (مضطرين لا مخيرين) إلى توحيد الجهود الأمنية على كافة الأصعدة المعلوماتية و العملياتية، و قد نجح البلدان إلى حد كبير في صراعهما مع الإرهاب بفضل توحيد الجهود دائما.
إن فرصة كما دواعي الوحدة بين تونس و الجزائر اليوم أكبر بكثير من أي وقت مضى:
-         العدو مشترك و داهم
-         الغرب يتمزق و رأس المال يبحث عن الملاذات الآمنة
-         الغرب منشغل في سوريا و العراق و في ما بينه
-         التقارب بين البلدين شعبا و قيادة غير مسبوق
-         إضافة إلى أن التاريخ و الجغرافيا تضغطان لصالح الوحدة
بالرغم من هذا فإن عقد الأمل على القيادتين في الجزائر و تونس على الارتقاء بالعمل المشترك إلى وحدة و اندماج يبقى ضئيلا جدا بحكم تجاربنا السابقة معها، وهذا ما يضع الحمل على كاهل الشعبين أكثر منه على كاهل القيادة في البلدين. علينا كتونسيين و جزائريين مثقفين، كتاب، مفكرين، صحفيين، فنانين، علماء...أو أيا ما كان موقعنا -أقول- علينا التحرك سريعا و الضغط على النظامين هنا و هناك في سبيل تحقيق ما عجز عنه أسلافنا و أخشى فيما أخشى أن تضيع من الفرصة بغير رجعة و أن نندم على فواتها حين لا ينفع الندم.

دكتور بومدين مروان