رسالة إلى السيد مقري و المعارضة الجزائرية
لم أكن أود أن أعلق على السيد عبد الرزاق مقري
في ما ذهب إليه من تحليل للتغيير الأخير الذي طال حكومة السيد عبد المالك سلال, و
لكن وجدتني مرغما على ذلك, فالسيد مقري و هو من أقطاب المعارضة البارزين, و الذي
أحترم فيه جرأته في الطرح, إلا أنني لا أملك أن أبقى ساكنا دون أن أستفهم عن مغزى ما
طرحه, و صرت لا أفهم ما الذي يريده فعلا من السلطة القائمة, أيريد المشاركة في
الحكم و تقاسم السلطة أم يريد إزاحة السلطة القائمة و الحلول مكانها –و هما
مشروعان لا يلتقيان-؟ و في كلتا الحالتين له كامل الحق في العمل السياسي من أجل
تحقيق ما يراه مناسبا له و لحزبه, و لكن ما لم أفهمه هو أن السيد مقري يغير بوصلته
(أعتقد دون أن يشعر) في كل مرة يخرج علينا, بل و أحيانا في نفس الإطلالة يطرح المشروعين
في تناقض قد يدلل شيئا ما عن مدى نضج الطبقة السياسية (مع احترامي للجميع).
يقول السيد مقري أنه كان يأمل في أن يمس
التغيير الحكومي الوزراء المشبوهين في قضايا الفساد, و كأن به كان يأمل في أن تصلح
السلطة شيئا مما أفسده بعض وزرائها, و لكن في نفس الخطاب يقول مقري بأن النظام
القائم حاليا يمثل الخطر الوحيد على البلد و بأن الدفاع عن هذا النظام هو خيانة عظمى؟؟! لا
أدري حقا إن كان السيد مقري يدري معنى ما يقول أو أنها مجرد زلات لسان لا غير؟ ثم
إنني لا أدري إن كان رئيس حمس يفرق بين مفاهيم السلطة و النظام من جهة, و النظام و
الدولة من جهة أخرى أم أن الكل واحد في مفهومه؟
شخصيا أعتقد أنه يتوجب حتما على المعارضة أن
تعي و تتشبع بالمفاهيم الآتية: إسقاط السلطة القائمة بالطرق المشروعة, تغيير
النظام القائم أيضا بالطرق المشروعة, ثم الحفاظ على الدولة مهما كان الثمن.
و ليستسمحني السيد مقري في القول بأن النجاح
و الوصول إلى المبتغى أيا كان, يتطلب أول ما يتطلب معرفة الهدف و امتلاك الرؤية,
فلا يمكن أن تصل إلى أي شيء دون أن تعرف أصلا ما الذي تبحث عنه, ثم معرفة الطريق
للوصول إلى ما تريد...هذا و الله أعلم.
صاحب المقال: دكتور بومدين مروان
التكوين: طبيب أخصائي
متابع للشأن العام الوطني و العربي