mardi 9 septembre 2014

الظاهرة الداعشية من صدام حسين إلى برج التجارة العالمي فأبي بكر البغدادي

في 2001 احتاج بوش الابن للتضحية ببرجي التجارة بمانهاتن و بضع مئات من الأمريكيين حتى يتمكن من بناء تحالف دولي (ضد الإرهاب !) و كان له ما أراد,أما اليوم فلم يحتج اوباما سوى للتضحية بصحفيين اثنين ليبني تحالف من أربعين دولة !!

http://loyalkng.com/wp-content/uploads/2009/01/barrack-obama-george-bush-1.jpg
قبل بضعة أيام أطلعتنا الأخبار أن هناك تنظيما متشددا و بطبيعة الحال إسلامي (و هذا أهم ما في الأمر) قيل لنا بأنه يهدد مشارق الأرض و مغاربها!! شخصيا أحسست في قرارة نفسي أن في الأمر شيئا لم أفهمه أو لم أعلمه بعد, فكيف بتنظيم بدائي المنشأ و المنهج لا يكاد يسيطر على قرية حتى تداهمه القوات العراقية أو تقصفه القوات السورية أن يهدد الو م أ و أوربا و العالم بأكمله؟! ساورتني تخمينات فربما يكون البغدادي و تنظيم الدولة تصديقا لما في نبوءة الرسول صلى الله عليه و سلم فمن يدري؟ بحثت قليلا فيما قيل و يقال عن التنظيم و استمعت لما يعلنه قادة و منضري التنظيم فلم أزد إلاّ قناعة أن في القصة إن و أخواتها, ولكن ما هو هذا التنظيم و لماذا الآن؟ لم أتمكن من تحليل الظاهرة الداعشية أو أن أجد تفسيرا لتنامي قوة هذا التنظيم و تمدده في أرض العراق و الشام في بضعة أيام حتى جاءني ما يشفي غليلي و يفك خيوط اللعبة. فبينما أنا جالس قبالة التلفاز و إذا بالوزير كيري يخرج على الملأ لينبئنا أن الو م أ بصدد تشكيل تحالف دولي (40 دولة بعدتها و عديدها) لمجابهة داعش (تنظيم لا يتعدى عدد مقاتليه بضعة آلاف) و الأطرف ما في الأمر أن التحالف قد يعمر أعواما مديدة دائما حسب كيري و أن لكل دولة على وجه الأرض عمل تقوم به لمجابهة داعش؟ !! و ما يساعد أكثر في توضيح الصورة ما أطلعنا عليه الملك السعودي عندما صرح قبل أيام بأنه على الغرب أن يحارب الدولة الإسلامية قبل أن تدك حصونه في زمن لا يتعدى الشهرين؟ !! و المحير أنه ما من عاقل يرد على الملك فيما قاله و كأن الجميع متواطئ, و ما من أحد سيرد على كيري فيما ذهب إليه بخصوص التحالف.
خلاصة القول: أمريكا أرادت أن تصنع تحالفا دوليا تستطيع من خلاله الضرب بيد من حديد و الغطرسة على باقي الدول التي لن تقدر عليها بمفردها و حتى بمساعدة الغرب التقليدي (أوربا), و لكي تتمكن من تسويق خطتها دون أن تستفز باقي العالم (بما فيه حلفاؤها) أخرجت لنا بعبعا جديدا تخوفنا به, فالقاعدة (صنيعة الأمس) المغلوبة على أمرها لم تعد تخيف أحدا, و حتى يكون للمسرحية أكثر مصداقية يقوم العاهل السعودي بلعب دور (طيابة الحمام) حتى تكون الصورة مكتملة.
و لكن لماذا الآن؟
http://www.alro2ya.com/files/images/RO2YA-51499-2.jpg
لو تمعنا قليلا في أحداث العالم (العالم الإسلامي بالخصوص) منذ 1990 إلى يومنا هذا لفهمنا القصة و لأدركنا الخطر القادم في الشهور و السنوات القليلة القادمة. فبالعودة قليلا إلى الوراء نجد أن صناع القرار في الو م أ (اللوبي الصهيوني الماسوني) دفعوا بصدام حسين لاحتلال الكويت لصنع تحالف دولي لا يقف في طريقه أحد و كان لهم ذلك فكانت الضحية العراق و الأمة العربية بخلق الشرخ الذي لم يندمل إلى يوما هذا, و عندما خفت بريق تحالف بوش الأب جاء الدور على بوش الإبن, فكانت مسرحية مانهاتن أروع من أفلام سبيلبرغ و صنع تحالف آخر أكثر قوة و جرأة و كان لهم ما أرادوا فكانت الضحية أفغانستان و العراق مجددا, و عندما خفت صوت التحالف الجديد حدث ما لم يكن في الحسبان, ربيع عربي يطيح بالأنظمة و لا يترك مجتمعا و لا اقتصادا و لا تاريخا و لا جغرافيا و لا ولا...إلا أن يأتي على الأخضر و اليابس فعاش الغرب ثلاث سنوات يضرب فلانا بفلان و يدعم فلانا ضد فلان و يزكي فلانا و ينكر فلان فصار العالم العربي بعلمانييه و إسلامييه, بمثقفيه و جهاله يشحتون الرضا من أمريكا و الغرب فهذا يزور واشنطن و ذاك يزور باريس و ما علاقة الاخوان المسلمين في مصر بإدارة أوباما ببعيد, و اليوم يبدو أن الربيع المشؤوم بدأ يستنفد طاقاته فلم يعد قادرا على الإطاحة بالأنظمة و لا خلق الفوضى بل صار هو الآخر يشحت الدعم تلو الدعم دون جدوى, و هذا ما أفضى إلى ما يمكن اعتباره التوازن بين الربيع العربي و الأنظمة العربية المراد إسقاطها (الأنظمة الجمهورية), هذا التوازن صار يؤرق الغرب من جهة و الأنظمة العربية المتواطئة (الممالك و الإمارات من الخليج إلى المحيط) من جهة أخرى. فماذا لو لم يتدخل الغرب و ترك الربيع العربي لأصحاب الربيع العربي (العرب أنفسهم), بكل بساطة كان سيتمدد في الاتجاه المعاكس أي باتجاه الأنظمة الملكية في الخليج, و كان سيستعيد بوصلة الصراع ناحية إسرائيل, و من هنا كان من الضروري الدخول في مرحلة أخرى من الصراع فجاءت الرؤية الجديدة للغرب في طريقة تدوير الأدوار و تغيير أساليب المواجهة.
https://static-secure.guim.co.uk/sys-images/Guardian/Pix/pictures/2014/7/6/1404671232597/Abu-Bakr-al-Baghdadi-014.jpg
لا يخفى أن الو م أ قد استعادة شيئا من الثقة لدى العالم العربي و الإسلامي بعد ما يشبه حالة العداء التي خلفتها حربي العراق و أفغانستان بما فيها من أبو غريب و غوانتانامو, هذه الثقة التي اكتسبتها على أشلاء السوريين و الليبيين و بفتاوى علماء القرن الواحد و العشرين لن يدخر صناع القرار في واشنطن جهدا في استغلالها في الشهور و السنوات القادمة في صناعة حلفها الجديد و الذي لن تستعمله إلا في وجه نفس الضحايا (العالم العربي و الإسلامي).
فشكرا لصدام و شكرا لبن لادن و ألف شكر لخليفة المسلمين الجديد أبي بكر البغدادي, و برافو لكل من بوش الأب و الإبن أما أوباما فلننتظر ما سيسفر عنه تحالفه لنباركه...هذا و غدا لناظره قريب.