dimanche 26 juillet 2015

ساركوزي...الحرب الجزائرية الفرنسية 2017

ساركوزي...الحرب الجزائرية الفرنسية 2017
unnamed6.jpg (640×358)

اتسمت العلاقات الجزائرية الفرنسية في السنوات الأخيرة بالشراكة المتبادلة في عديد القطاعات مما عاد بالفائدة على كلى الطرفين خاصة في المجالين الاقتصادي و الأمني، فالجزائر وجدت في فرنسا حليفا دوليا قويا يمكنها من تسويق رؤيتها في قضايا إقليمية و دولية تهمها خاصة فيما يخص الجوار المباشر (مالي، ليبيا و تونس) في حين وجدت فرنسا في الجزائر سوقا لشركاتها التي تعاني حالة ركود غير مسبوقة بفعل الأزمة المالية في أوروبا، هذه العلاقات -و إن لم ينتبه البعض لذلك- فإنها تكاد تصل إلى محطتها الأخيرة في 2017 بالنظر إلى إمكانية وصول المرشح اليميني نيكولا ساركوزي إلى قصر الإليزيه.
إلى حد الساعة لم يستوعب الجزائريون بعد قيادة و شعبا حجم التحدي الذي سيواجهونه حتما في حال وصول ساركوزي إلى الحكم، و أقصى ما قرأته من تحاليل في هذا الموضوع يشير إلى عودة البرودة في العلاقات الفرنسية الجزائرية مع عودة ساركوزي مما يدل على قصر نظر الطبقة السياسية (سلطة و معارضة) و المحللين على حد سواء بل و تتعداه في نظري إلى عجز فاضح في تقدير مسار العلاقات الجزائرية الفرنسية من جهة و العلاقات الجزائرية الخارجية (على العموم) من جهة أخرى حتى و إن كان المدى المنظور لا يتعدى السنتين أي 2017.
ساركوزي المعروف بانتمائه و ولائه للماسونية و علاقاته العضوية مع اللوبي الصهيوني في العالم كان أحد البيادق في الحرب العالمية الجديدة (الحروب الأهلية) و التي يسميها البعض الربيع العربي، هذا الرجل و إن ترك الرئاسة الفرنسية مرغما سنة 2012 فإنه سيعود سنة 2017 من أجل إكمال المهمة التي لم تنته بعد ألا و هو إدخال الربيع العربي (الحرب الأهلية) إلى الجزائر التي بقيت إلى اليوم عصية على الترويض، هذا الكلام قد لا يروق للكثيرين هنا في الجزائر من الطامعين في رضا فرنسا (لا فرق بين اليمين و اليسار عندهم)، و لكن أنا لا أطرح أكثر مما طرحه ساركوزي بنفسه عندما صرح بأن مصير الجزائر يجب أن يقرر في أروقة الإتحاد من أجل المتوسط أكثر من أي وقت مضى (أي في القريب "العاجل")، هذا الكيان الذي خلقه ساركوزي ذات يوم من أجل دفع عرب المتوسط و على رأسهم الجزائر إلى التطبيع مع إسرائيل فما كان من الجزائر يومها إلا قتل هذا المخلوق المشوه في المهد.
البعض يعمى على قراءة الرسالة الساركوزية و التي لم تكن مبطنة و لا مشفرة بل كانت واضحة تماما، هي الحرب القادمة على الجزائر. قد يقول قائل بأن الجزائر اختبرت الحرب الأهلية و لها حصانة من الربيع العربي بفعل سنوات التسعينات و أننا كجزائريين لن ننجر وراء الخطاب الديني، هذا صحيح و لكننا لم نختبر (و بالتالي لسنا محصنين من) الصراع العرقي العربي الأمازيغي و لا الصراع شمال جنوب و لا جربنا انشقاقا في الجيش أو تمردا من أحد أفرعه، فالعدو أكيد أنه سيحاول أن يلدغنا من أي جحر أمكنه فالمحصلة واحدة: الحرب الأهلية و الانهيار. ساركوزي يشكل خطر داهم على الجزائر و يكفي أنه استطاع أن يزرع الشك بين الجزائر و تونس بعد كل ما صنعناه مع إخواننا في تونس (دون من و لا أذى فهذا واجب في نظرنا)، أقول أنه استطاع أن يزرع الشك و هو لم يترشح بعد للرئاسة و قبل سنتين من ذلك فما بالك به رئيسا لفرنسا، ثم إنه لا يجدر بنا السكوت عن شخص يعلن الحرب علينا بمجرد الاطمئنان لحصانتنا فهذا قمة الغباء الذي يحقق مقولة المفكر الفذ مالك بن نبي بشأن قابليتنا للاستعمار.
عودة للحديث عن ساركوزي، هذا الرجل يشهر اليوم في وجوهنا كجزائريين الضوء الأحمر في إشارة إلى الخطر الداهم على البلد و في نفس الوقت يعطينا الضوء الأخضر من أجل العمل اليوم قبل الغد في منعه من الوصول إلى الرئاسة الفرنسية، نعم منعه من الوصول إلى قصر الإليزيه، سيضحك الكثير من قراء المقال على مجرد التفكير بأننا قادرين كجزائريين على التأثير في مسار الانتخابات الفرنسية و لكن يمكنني أن أذكر نفسي و القارئ الكريم بأن الجزائريين كانوا سببا مباشرا في سقوط الجمهورية الرابعة سنة 1958 و هم يومها ثلة ملاحقين في الجبال و الوديان، فعار علينا اليوم أن نتخاذل في الدفاع عن وطننا أمام الحرب التي بدأ دق طبولها من الجارة تونس، و على مسمع من مسؤولينا الذين كان أقصى ردهم بأن التصريحات غير مرحب بها، مع احترامي للسيد رمطان لعمامرة،و لكن شخصيا لو كان لي أن أتكلم باسم الخارجية الجزائرية لقلت (ساركوزي في أعيننا شخص وقح و إن كان لا يمثل الدولة الفرنسية فهو يضر بالعلاقات الفرنسية الجزائرية و على الفرنسيين أن يدركوا هذا قبل فوات الأوان. "و كفى").
إذا لم نحرك اليوم أذرعنا (و ما أكثرها حتى في الداخل الفرنسي) لإيقاف هذا الرجل و الحد من طموحه فإننا نعطيه الضوء الأخضر للمضي في مشروعه، و على العكس إن نحن حاولنا إيقافه و لم نستطع فإنه لن يتمكن من اختراقنا لأننا سنكون يومها قد بنينا الحواجز عاليا بيننا و بين مشروعه. اليوم يعطينا ساركوزي فرص تاريخية للخروج من دائرة القابلية للاستعمار و دخول دائرة الفاعلين الدوليين حتى لا أقول المستعمرين الجدد، لأنه في نهاية المطاف يجب علينا أن نفكر يوما ما في رد الصاع لفرنسا التي استعمرتنا 130 سنة من تاريخنا إن طال الزمن أو قصر.
صاحب المقال: دكتور بومدين مروان

متابع للشأن العام الوطني و العربي