dimanche 12 juillet 2015

من تيقنتورين (عين أمناس) إلى غرداية الجزائر...البعبع الذي يأبى أن يركع

من تيقنتورين (عين أمناس) إلى غرداية
الجزائر...البعبع الذي يأبى أن يركع
تعتقد بعض الأطراف العربية و الغربية أن الأحداث الأخيرة في غرداية يمكن أن تكون مدخل إلى إحداث فتنة كبرى في الجزائر و لم لا إركاع هذا البلد الذي بقي عصيا رغم المحن المتلاحقة، و لا يخفى على أحد الدور الذي لعبته الجزائر بالأمس و تلعبه اليوم في وأد الفتن في مشارق الأرض و مغاربها و على الخصوص في الدول العربية و الإسلامية و على سبيل الذكر دور الجزائر في الحرب العراقية الإيرانية، و في الحرب اللبنانية و كذا أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران، هذا الدور الذي عاد في السنوات القليلة الماضية مع الأزمة في مالي و سوريا و حتى اليمن مؤخرا لا يبدو أنه يروق لعديد من الأطراف الإقليمية و الدولية و حتى نكون واضحين الجزائر تمثل حجرة عثرة للثلاثي أمريكا، فرنسا، العربية السعودية. لا يمكن لأي عاقل أن يغفل عن ما تدبره مخابرات هذه الدول للجزائر بحيث تكاد مصائبنا اليوم تتلخص في ما يحاك ضدها من هذه الأنظمة.
الجزائر اليوم مهددة كما قال عبد الباري عطوان من طرف دول عربية و أجنبية، مهددة بنقل الربيع العربي إليها و الهدف ليس تركيعها أو إخضاعها مثلما قال الأمين العام للأفلان عمار سعداني و إنما من أجل تقسيمها بل و تفتيتها و هذا ما يتمناه بعض الجيران و لا نسميهم احتراما لشعوبهم، يراد اليوم للجزائر أن تزال من الخريطة كليا، فهل سيصل المتآمرون إلى مبتغاهم؟
على الجزائريين أن يعلموا بأن بلدهم بفعل ما حباه الله من خيرات و بفعل ما اختاره لنفسه من طريق في هذا العالم من عدم الانحياز إلى الدفاع عن القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية و الصحراوية و مجابهة نظام الأبرتايد العنصري في جنوب إفريقيا و الوقوف مع المقاومة الفلسطينية و اللبنانية و الصدع بالعداء لإسرائيل، على الجزائريين أن يدركوا بأن بلدهم لن تترك بخير و سيبقى الأعداء متربصين بنا ما دمنا على مبادئنا قائمين، و عودة إلى السؤال: هل سيصل المتآمرون على الجزائر إلى مبتغاهم؟
إذا تابعنا مسار الدولة الجزائرية الحديثة من الاستقلال إلى اليوم نجد أن الجزائر تمر في كل مرة بمحنة (مؤامرة)، لعل أشدها كانت العشرية السوداء، و التي فككنا خيوط اللعبة فيها بالرغم من علماء البلاط في الخليج آنذاك و بالرغم من أنصار من يقتل من في فرنسا، و لكن العبرة بالخواتيم فالجزائر اليوم أقوى مما كانت عليه في 1990 و هي أقوى بكثير لمن لا يعلم، و هذا ما يخيف الأعداء و يدفعهم للإسراع بخططهم في ضربنا.
قبل سنتين و نصف كان الاعتداء على القاعدة الغازية في عين أمناس (تيقنتورين)، يومها اعتقد الأعداء بأن الجزائر سوف تخضع لأهدافهم، فكانت النتيجة عكس ذلك تماما: ضربت الجزائر بعصا من حديد فأبادت الإرهابيين و من كان معهم من الرهائن دون العودة للقوى العظمى -كما يفعل أشباه العرب اليوم من أجل قتل بعضهم بعضا- في رسالة واضحة للجميع بأن الجزائر بلد مسالم مع من سالمه و فقط أما في الحرب فلا مكان للجزائريين إلا النصر أو الشهادة، هذا ما مات عليه آباؤنا خلال 130 سنة من الاستعمار و ورثوه لنا نحن جيل اليوم، و أستذكر هنا مقولة الدكتور يحيى أبو زكريا عندما قال للمذيعة يوما ما (إذا كان اعتداء على الجزائر فأنا المعارض للنظام يحيى أبو زكريا سأحمل كلاشينكوف ضد كل من تسول له نفسه)، و كل الجزائريين المهجرين في أصقاع العالم بفعل معارضتهم للنظام سيكونون في طلائع المقاتلين فداءا لأرض سقتها وديانا دماء الشهداء.
اليوم هناك مؤامرة أخرى تحاك على نار هادئة يراد منها تقسيم الجزائر إلى أمازيغ و عرب أو إباضية و مالكية أو إلى شمال و جنوب، لهؤلاء أقول بأن فرنسا لعبت على هذا الوتر 130 سنة فلم تفلح إلا في إخراج اليهود من بين الجزائريين و نعترف لها بنجاحها ذاك بل و نشكرها عليه، و من يعتقد بإمكانية تقسيم الجزائر فهو واهن، و هذه المؤامرة لن تكون عندنا إلا سببا في إعادة النظر في أولوياتنا و تقييمنا لمفاهيم الشقيق و الصديق و العدو و مثلما خرجنا أقوياء من مؤامراتهم بالأمس سنخرج بإذن الله أقوياء من مؤامراتهم اليوم و بقدر المحن و المؤامرات يشتد العود، هذا قدرنا في هذا الزمان مع أمة الهوان، و لن نحيد عن مبادئنا و سنبقى أبدا أنصارا لفلسطين المظلومة من أشقائها قبل أعدائها و أعداءا لإسرائيل و للصهيونية العالمية أينما كانت من أمريكا إلى فرنسا إلى السعودية إلى أنظمة الجوار الفاسدة. و للبشرى فقط، بعد 48 ساعة من الأحداث الأليمة التي عصفت بغرداية ذهب رئيس أكبر حزب معارض للنظام إلى قصر الرئاسة ليتباحث عن أفضل السبل للخروج من الأزمة يدا في يد مع فرقاء السياسة. و مرة أخرى أقول لأشقائنا لا تخشوا شيئا على الجزائر فهي عصية مثلما كانت دائما و ستضل إلى جواركم أينما حللتم من فلسطين إلى سوريا إلى مصر إلى تونس إلى ليبيا و إلى الصحراء الغربية شاء من شاء و أبى من أبى.

صاحب المقال: دكتور بومدين مروان   boumedienems@gmail.com
التكوين: طبيب أخصائي

متابع للشأن العام الوطني و العربي