mercredi 11 mai 2011

حفيظ دراجي....الجزائر ضمن قائمة الشعوب الأكثر تعاسة

عندما اطلعت على تحليلات مجموعة من استطلاعات الرأي والدراسات حول تصنيف أكثر الشعوب سعادة وتعاسة في العالم، واحتلال الجزائر مركزا "متقدما" ضمن قائمة الشعوب الأكثر تعاسة، لم أتفاجأ ولم أصَب بالصدمة، لأن كل المؤشرات تدل على هذه التعاسة والكآبة واليأس التي يعيشها أغلبية أبنائنا. وجاحدٌ من يعتقد غير ذلك ويكذب علينا وعلى نفسه رغم التحولات التي شهدتها الجزائر والإنجازات التي حققتها بفضل أبنائها الأوفياء في كل المواقع، وليس بفضل فئة أو جماعة أو شخصية مهما كانت..
http://www.shbab4ever.com/vb/imgcache/2/1435alsh3er.jpg
  • أما من يقول غير ذلك ويعتقد بأن شعبنا سعيد فلنسأله: أين هي السعادة في نفوس وقلوب أبنائنا وبناتنا؟ ولماذا لا نبتسم في وجوه أبنائنا وزوجاتنا وأوليائنا وفي وجوه بعضنا البعض؟، ولماذا نغضب بسرعة ونتعصب ونتطرف في مواقفنا وآرائنا؟ ولماذا نتحاسد ويحقد بعضنا على بعض؟ ولماذا نسيء إلى المحسن والمجتهد ونكافئ المسيء والفاشل؟
  • لماذا انعكست كل المفاهيم فلم نعد نفرّق بين الخير والشر، وبين العدل والظلم، وبين الصالح والطالح؟ ولماذا يخرج إلى الشارع للاحتجاج كل من السياسي والبطال والطبيب والطالب؟ ولماذا تهاجر الكفاءات ويهرب الشبان على متن قوارب الموت؟
  • - شعبنا تعيس لأنه لا يتنفس نسيم الحرية ولم يتذوّق طعم العدالة الاجتماعية، ويرى بأم عينيه الفوارق تزداد وتتعمق، والفساد يعم دون رقيب أو حسيب، فيزداد حسرة على بلد مات أجداده من أجل الحرية والكرامة والشرف.
  • - شعبنا تعيس لأنه يدرك حجم خيرات الوطن وكفاءات الرجال، ولكن شؤونه اليومية تزداد سوءا ومشاكله تتعقد، ويسمع ويشاهد كل يوم عن إنجازات وإجراءات لا يلمسها في حياته اليومية وكأنها تخص شعبا غير شعبه وبلدا غير بلده.
  • - شعبنا تعيس لأن الكثير من الساسة والمسؤولين الذين وضع ثقته فيهم وانتخبهم أثبتوا فشلهم في تسيير شؤونه، ولكنهم مع ذلك لا يزالون في مناصبهم يحطمون كل شيء جميل، ويعتقدون بأن البلد إرث تركه لهم آباؤهم دون غيرهم.
  • - شعبنا تعيس لأنه لا يتنفس الثقافة والفن ولا يمارس الرياضة ولا يستمتع بها، فهو غير متوازن روحيا ونفسيا واجتماعيا وبدنيا، وحتى فرحته بتفوّق رياضي لفريقه ومنتخبه لا تستمر ولا تتواصل، بل سرعان ما تتبعها الإخفاقات.
  • - شعبنا تعيس لأنه لا يجد أين يقضي عطلته رغم توفر الجزائر على البحار والجبال والرمال والوديان والغابات، ولكن المرافق منعدمة والخدمات سيئة والأسعار مرتفعة.
  • - شعبنا تعيس لأن السياسة صارت فنا من فنون الكذب على الناس، والاقتصاد صار "بزنسة" واحتيالا، والثقافة مجرد رقص وغناء ومهرجانات مناسباتية، والرياضة عنفا وتخريبا وحقدا وكراهية، ولأن الصراعات الشخصية والجرائم صارت تملأ صفحات الجرائد.
  • - شعبنا تعيس لأن تلفزته مريضة ومتخلفة لا تعبر عن مشاغله واهتماماته رغم أنه يملك الكفاءات والموارد، وتعيس أكثر لأن السلطة لا تريد فتح المجال السمعي البصري للمهنيين والمبدعين، ومع ذلك تغازلهم ببعض الإصلاحات التي وعدت بها منذ سنوات دون أن تتحقق.
  • - شعبنا تعيس لأن المريض في أوساطه يموت مئات المرات في المستشفيات، والبطال ليس له أمل في الحصول على منصب عمل، والباحث عن السكن لا أمل له في المأوى، والفقير يموت فقيرا والغني يزداد غنى، وأعداد الحراڤة تتزايد كل يوم في وقت يرتفع فيه سعر البترول والغاز وتتزايد فيه مداخيل الجزائر من المحروقات.
  • - شعبنا تعيس لأن المبدعين والفنانين والمهنيين مهمشون، والجهلة من المطبلين والمزمرين والانتهازيين يعيثون فسادا في كل الهيئات والمؤسسات.
  • - شعبنا تعيس لأنه أدرك أن مكان الولادة والجهة التي ينتمي إليها أولى من الشهادة والكفاءة، والولاء أهم من الوفاء، ولأن النفاق صار عملة متداولة في كل الأوساط.
  • - شعبنا تعيس لأنه سئم الوعود الكاذبة وانتظار الإصلاحات التي يتحدث عنها يوميا كل رئيس ووزير ومدير دون جدوى ودون فعالية، مما يزيده حسرة وتذمرا.
  • - شعبنا لشدة تعاسته صار عنيفا مع نفسه وأسرته ومع غيره في المدرسة والشارع والمؤسسة، لأنه لا يتوفر على أطر منظمة يتنفس فيها الحرية والديمقراطية، ويمارس فيها حقه في إبداء الرأي والتعبير عن مشاعره ومكنوناته.
  •   إن التعاسة التي يعيشها شعبنا لا تشبه تعاسة الغير التي تقاس بمقدار دخل الفرد ونوعية الخدمات الاجتماعية والصحية المتوفرة لديه، بل هي تعاسة معنوية وفكرية وأخلاقية أكثر مما هي مادية، وهي كآبة وحزن دائمان يصلان بالجزائريين حدَّ التشاؤم رغم توفر بلادنا على كل مقومات السعادة، لذلك تجد الشعب يريد التغيير والتجديد، ويريد وطنا للجميع لا لفئة دون أخرى، ورغم ذلك يدرك أن التعاسة التي يعيشها ليست قدرا محتوما لأننا نملك الرجال والنساء والمقومات والخيرات، ونستحق كل الخير والحب والاحترام والتقدير في ما بيننا، ولأننا قادرون على تحقيق القفزة النوعية لحياة أفضل لأبنائنا كلهم دون استثناء أو إقصاء.
     
    echoroukonline.com