lundi 14 février 2011

خبرة بوتفليقة أمام مد التغيير

لقد أخطأ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عندما قرر الترشح لفترة رئاسية ثالثة و كان قد فقد بذلك دعم شريحة واسعة من الشعب الذي دعمه في 1999 و 2004, و لكن الأحداث المتلاحقة في الساحة العربية ابتداءاً من تونس ثم مصر تكون قد دفعت الرئيس الجزائري إلى إعادة حساباته....
http://www.pagesmaroc.com/images/bouteflika-oujdi.jpg
بعد ثورة الثمان عشرة يوم التي قادها الشباب المصري بثبات و التي أتت على رأس النظام القابع منذ ثلاثين عاماً, لم يوقف المجلس العسكري الحاكم في مصر العمل بحالة الطوارئ حتى اليوم  رغم ارتفاع الدعوات المطالبة بذلك من طرف كل أطياف الشعب المصري من دون إستثناء. في الوقت نفسه نجد الرئيس بوتفليقة في الجزائر يسعى جاهداً من أجل رفع حالة الطوارئ السارية المفعول منذ عشرين عام مستبقاً أي حراك شعبي قد يجد من يقوده إلى غير مبتغاه.

يمكن للمتتبع لمسار الأحداث منذ عام 1988 أن يدرك بشيء من التحليل المتأني أن النظام في الجزائر هو على وشك الدخول في الدمقرطة الكاملة للحياة السياسية و الحكم في البلاد, ليس لأن هذا النظام صار يؤمن بالحياة الديمقراطية بل على العكس من ذلك قد يكون العدو الأول لها و اكبر دليل على عدائه هذا هو سيطرته التامة للإعلام بكل أصنافه إدراكاً منه بمقدرة هذا الإعلام على صناعة الرأي العام و التأثير فيه. حتمية دمقرطة النظام في الجزائر تنبع من إنقسام العصب الحاكمة و أصحاب القرار في البلاد, هذا الإنقسام الذي بدأت تتجلى ملامحه منذ عدة سنوات, غذاه دخول رؤوس الأموال في لعب دور في صناعة القرار على الرغم من صغر هذا الدور في الوقت الحالي. الإنقسام في أعلى هرم السلطة في الجزائر لم يسمح منذ مجيء الرئيس بوتفليقة أن يقوم تفاهم حقيقي بين هذه العصب على تقاسم الأدوار ما جعلها تضعف أمام مد التغيير القادم, هذه الحالة ستدفع بالرئيس لاستباق أي حراك شعبي يجعل منه كبش فداء بأن يرمي بالكرة إلى الشعب ليقول كلمته, ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد:
1 الخروج من الحياة السياسية بشرف على خلاف بن علي و مبارك.
2 كتابة اسمه بأن يكون أول رئيس للبلاد يعيد إلى الشعب حقه في اختيار ممثليه.

لقد أخطأ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عندما قرر الترشح لفترة رئاسية ثالثة و كان قد فقد بذلك دعم شريحة واسعة من الشعب الذي دعمه في 1999 و 2004, و لكن الأحداث المتلاحقة في الساحة العربية ابتداءاً من تونس ثم مصر تكون قد دفعت الرئيس الجزائري إلى إعادة حساباته بحيث قرر رفع حالة الطوارئ و لو جزئياً, و فتح الإعلام للطبقة السياسية من المولاة و المعارضة, هذه القرارات لن تكون بأي من الأحوال كافية لامتصاص الشحن القائم في الشارع و المدعوم من موجة التغيير القادم, هذا ما سيدفع الرئيس إلى إصدار قرارات متلاحقة أخرى, هذه القرارات لن تكون بدورها كافية إلا إذا تم الرمي بإدارة شؤون البلاد للشعب من خلال الدعوة إلى انتخابات رئاسية و برلمانية مسبقة و نزيهة يقوم بتأمينها الرئيس بنفسه من دون أن يكون طرفاً فيها, و بذلك تكون الجزائر قد حازت على نصيب الأسد من موجة التغيير من دون هزات قد تكون كارثية على الوضع الاجتماعي الهش.

مجرد رأي.